مدينة صناعية سعودية تركية- فرص التوطين والتنمية المستدامة
المؤلف: عبدالمحسن هلال08.15.2025

في نبأ بالغ البهجة، أعلن رئيس غرفة المدينة المنورة هذا الأسبوع عن إبرام اتفاقية هامة مع الغرفة التجارية لمدينة جبزي التركية، ممثلة بشركة جزيللار ذات الصيت الذائع والخبرة العالمية، لإنشاء مدينة صناعية عصرية في رحاب المدينة المنورة، باستثمار سعودي تركي مشترك يقارب 188 مليون ريال. ومن المتوقع أن تنطلق الأعمال الإنشائية بعد ستة أشهر، على مساحة شاسعة تقدر بـ 10 ملايين متر مربع، لتضم بين جنباتها ثلاثة آلاف مصنع متنوع، تسهم بإنتاج يتراوح بين 80 و90 من مختلف الصناعات، على غرار المدينة الصناعية المماثلة في إسطنبول، وستخضع هذه المدينة الصناعية الطموحة لإشراف الهيئة السعودية للمدن الصناعية.
وتشير تفاصيل هذا الخبر المبهج إلى أن شركة جزيللار التركية ستتولى مهمة إنشاء محطات التقنية المتطورة وتأسيس المصانع وتشغيلها بكفاءة عالية، بالإضافة إلى ذلك، ستقوم شركات تركية أخرى بإنشاء مصانع خاصة بها داخل المدينة الصناعية الجديدة. ويا له من عمل جليل! ولكن يبقى التساؤل المطروح: ما هو الدور الذي سيقوم به الجانب السعودي في هذا المشروع الضخم؟ يذكر الخبر أن الجانب السعودي سيقوم بتأسيس شركة مساهمة مغلقة تقتصر على منتسبي غرفة المدينة لتنفيذ هذا المشروع الطموح. بدايةً، يراودني تساؤل عن سبب حصر المساهمة على منتسبي غرفة المدينة المنورة فقط، ربما تكون هذه الخطوة مجرد نواة لمشاريع أكبر تتطلب رؤوس أموال ضخمة. فمثل هذه المشاريع النوعية تتطلب بالفعل استثمارات هائلة، ولكنها تتطلب أيضًا خطة وطنية شاملة يشارك فيها جميع الغرف التجارية الصناعية وهيئة الاستثمار العامة. والسؤال الأهم الذي يطرح نفسه بإلحاح: هل سنكتفي دائمًا بدور الممول الرأسمالي لهذا النوع من المشاريع؟ وماذا عن باقي عناصر الإنتاج الأساسية؟ هل ستكون العمالة والإدارة والمواد الخام حكرًا على الجانب التركي؟ أتساءل ذلك لأن الخبر لم يوضح بوضوح ما إذا كانت هناك خطط واضحة لتوطين الوظائف في المدينة الصناعية المنشودة أو لتوفير برامج التدريب والتأهيل اللازمة للشباب السعودي، أو لاستغلال المواد الأولية المتوفرة لدينا في المملكة. أم أننا سنكتفي فقط بتوطين المصنع لنتباهى بعبارة "صنع في السعودية"؟
إننا نمتلك، بفضل الله ومنته، 35 مدينة صناعية منتشرة في أرجاء البلاد، ولكن ما هي نسب التوطين الحقيقية في هذه المدن؟ حتى أنها تبدو وكأنها مدن مخصصة للأجانب، نعالج بطالة مواطني الدول الأخرى ونتجاهل بطالتنا المتفاقمة. أليس من غير المنطقي أن يكون جميع مهندسينا وباقي المتخصصين المهنيين السعوديين غير مؤهلين للعمل في هذه المدن الصناعية؟ وهل قامت هذه المدن الصناعية بإنشاء معاهد متخصصة لتدريب وتأهيل شبابنا على مدار عمرها الطويل لإحلالهم مكان العمالة الوافدة، أم أن عقدة الراتب والأجر الزهيد ما زالت هي المسيطرة على تفكيرنا؟ إن الهدف الأساسي من إنشاء المدن الصناعية هو بناء قاعدة صناعية متينة تمتلك جميع عناصر الإنتاج الأساسية. قد تتشارك في رأس المال النقدي عدة دول، إلا أن الفائدة الحقيقية يجب أن تصب في مصلحة الدولة الأم. فالقاعدة الصناعية ليست مجرد رأسمال مادي فحسب، بل هي رأسمال بشري في المقام الأول، قوامه إنسان الوطن، صانع التنمية والمستفيد الأكبر منها.
إن الاكتفاء بالاستثمار المادي فقط سيؤدي حتمًا إلى تراكم الثروات المالية في أيدي قلة قليلة من الناس، في حين أن هذه القلة ستكون استفادتها أكبر بكثير لو أنها ركزت بشكل أكبر على الاستثمار في العنصر البشري. وهذا يتطلب من القطاع الخاص، وكذلك القطاع العام، أن ينظروا إلى الأمور بمنظور أبعد وأكثر شمولية، من خلال وضع خطة تكاملية متكاملة تبدأ بإعداد الكوادر الوطنية المؤهلة لإدارة وتشغيل المدن الصناعية بكفاءة عالية، بل والمساهمة الفعالة في الحركة الصناعية داخل المدينة، عن طريق التطوير والابتكار المستمر. بهذه الطريقة فقط يمكننا الاستحواذ على التقنية الحقيقية بدلًا من مجرد استهلاكها السلبي.
وتشير تفاصيل هذا الخبر المبهج إلى أن شركة جزيللار التركية ستتولى مهمة إنشاء محطات التقنية المتطورة وتأسيس المصانع وتشغيلها بكفاءة عالية، بالإضافة إلى ذلك، ستقوم شركات تركية أخرى بإنشاء مصانع خاصة بها داخل المدينة الصناعية الجديدة. ويا له من عمل جليل! ولكن يبقى التساؤل المطروح: ما هو الدور الذي سيقوم به الجانب السعودي في هذا المشروع الضخم؟ يذكر الخبر أن الجانب السعودي سيقوم بتأسيس شركة مساهمة مغلقة تقتصر على منتسبي غرفة المدينة لتنفيذ هذا المشروع الطموح. بدايةً، يراودني تساؤل عن سبب حصر المساهمة على منتسبي غرفة المدينة المنورة فقط، ربما تكون هذه الخطوة مجرد نواة لمشاريع أكبر تتطلب رؤوس أموال ضخمة. فمثل هذه المشاريع النوعية تتطلب بالفعل استثمارات هائلة، ولكنها تتطلب أيضًا خطة وطنية شاملة يشارك فيها جميع الغرف التجارية الصناعية وهيئة الاستثمار العامة. والسؤال الأهم الذي يطرح نفسه بإلحاح: هل سنكتفي دائمًا بدور الممول الرأسمالي لهذا النوع من المشاريع؟ وماذا عن باقي عناصر الإنتاج الأساسية؟ هل ستكون العمالة والإدارة والمواد الخام حكرًا على الجانب التركي؟ أتساءل ذلك لأن الخبر لم يوضح بوضوح ما إذا كانت هناك خطط واضحة لتوطين الوظائف في المدينة الصناعية المنشودة أو لتوفير برامج التدريب والتأهيل اللازمة للشباب السعودي، أو لاستغلال المواد الأولية المتوفرة لدينا في المملكة. أم أننا سنكتفي فقط بتوطين المصنع لنتباهى بعبارة "صنع في السعودية"؟
إننا نمتلك، بفضل الله ومنته، 35 مدينة صناعية منتشرة في أرجاء البلاد، ولكن ما هي نسب التوطين الحقيقية في هذه المدن؟ حتى أنها تبدو وكأنها مدن مخصصة للأجانب، نعالج بطالة مواطني الدول الأخرى ونتجاهل بطالتنا المتفاقمة. أليس من غير المنطقي أن يكون جميع مهندسينا وباقي المتخصصين المهنيين السعوديين غير مؤهلين للعمل في هذه المدن الصناعية؟ وهل قامت هذه المدن الصناعية بإنشاء معاهد متخصصة لتدريب وتأهيل شبابنا على مدار عمرها الطويل لإحلالهم مكان العمالة الوافدة، أم أن عقدة الراتب والأجر الزهيد ما زالت هي المسيطرة على تفكيرنا؟ إن الهدف الأساسي من إنشاء المدن الصناعية هو بناء قاعدة صناعية متينة تمتلك جميع عناصر الإنتاج الأساسية. قد تتشارك في رأس المال النقدي عدة دول، إلا أن الفائدة الحقيقية يجب أن تصب في مصلحة الدولة الأم. فالقاعدة الصناعية ليست مجرد رأسمال مادي فحسب، بل هي رأسمال بشري في المقام الأول، قوامه إنسان الوطن، صانع التنمية والمستفيد الأكبر منها.
إن الاكتفاء بالاستثمار المادي فقط سيؤدي حتمًا إلى تراكم الثروات المالية في أيدي قلة قليلة من الناس، في حين أن هذه القلة ستكون استفادتها أكبر بكثير لو أنها ركزت بشكل أكبر على الاستثمار في العنصر البشري. وهذا يتطلب من القطاع الخاص، وكذلك القطاع العام، أن ينظروا إلى الأمور بمنظور أبعد وأكثر شمولية، من خلال وضع خطة تكاملية متكاملة تبدأ بإعداد الكوادر الوطنية المؤهلة لإدارة وتشغيل المدن الصناعية بكفاءة عالية، بل والمساهمة الفعالة في الحركة الصناعية داخل المدينة، عن طريق التطوير والابتكار المستمر. بهذه الطريقة فقط يمكننا الاستحواذ على التقنية الحقيقية بدلًا من مجرد استهلاكها السلبي.